بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 مارس 2018

الشمس وأساطيرها


كسوف الشمس الكامل وتاجها
الشمس، سيدة المجموعة الشمسية، وسيدة الحياة على الأرض، فلا حياة من دونها لأكثر من سبب، ولكننا نتغنى بالقمر ونتأمله، وهذا أمر طبيعي، إذ لا يمكننا أن ننظر إلى الشمس مجابهة لنتغنى بها أو نتأملها، فبريقها أكثر مما تتحمله أعيننا. وسيادتها للمجموعة الشمسية سيادة طاغية، إذ تمثل لوحدها ما ينوف عن 99.854% من كتلة المجموعة الشمسية! أي أن كل الكواكب والكوكيبات والأقمار والنيازك والمذنبات تشكل أقل من 0.15% من كتلة المجموعة الشمسية. وهذه الكتلة هي نحو 2 مليار مليار مليار طن، كلها من الغازات. نحو 74% من كتلتها من الهيدروجين وأقل من 25% من الهيليوم، والباقي من غير ذلك. وهي ليست بالنجم الكبير وإنما تصنّف بين النجوم الصفراء القزمة. درجة حرارة سطحها نحو 6 آلاف درجة، أما في مركزها فتصل درجة الحرارة إلى أكثر من 16 مليون درجة مئوية. أما التاج الشمسي الذي نراه في الكسوف الكامل فتصل درجة حرارته إلى بضعة ملايين، ومنه تصل إلينا حرارة الشمس. وبسبب الفعل الثقالي الهائل للشمس يحدث الاندماج الحراري النووي الذي يشارك فيه الهيدروجين ليتشكل عنه الهيليوم أو ذرات أثقل، والحرارة الهائلة بالطبع. مثل ذلك لا يحدث على الأرض بسبب صغر حجمها، فالأرض بالنسبة للشمس مثل حبة سمسم مقارنة بكرة قدم.

وهذه الشمس أثارت فضول واهتمام الناس على مر العصور، وبما أنها والقمر الجرمان الأقرب لعيون البشر، لذا أحيطا بأساطير مختلفة بحسب اختلاف الثقافات. فالشمس لدى السومريين هي إلهٌ اسموه أوتو، وموقعها في السماء يسمح لها برؤية كل ما يحدث على الأرض، لذا فلها إمكانية معرفة المستقبل، وهي تُقرن بإله العدل. أما عند البابليين فإن مردوخ قتل والدته وقطعها نصفين، من أحدهما خلق الأرض ومن الثاني خلق القبة السماوية. ومن جسدها ظهر الإله القمر "سن"، والإله الشمس "شماش"، وتقاسما السيطرة على الوقت، فكان لشماش إدارة الأيام والسنين، أما سن القمر فكان يدير الأشهر. وبما أن شماش له القدرة على رؤية ما يجري على الأرض لذا كان يشارك في القرارات السياسية والاجتماعية التي يأخذها الملوك.

أما لدى قدماء المصريين فكانت الشمس عنصراً مركزياً في الحياة. ففي الليل كانت الشمس تبحر في قاربها لمواجهة القوى الشريرة، وخاصة ردع هجمات الثعبان الهائل أبوبيس. وفي كل صباح تظهر الشمس "رع" من الشرق على وقع الغناء والرقص، تفتح عينها الكسولة، ثم تركب قارب النهار تبحر في السماء حتى المساء، لتستقل قارب الليل حيث تعبر العالم السفلي، عالم الظلمة الذي يسكنه الأموات. ثم أصبحت الشمس أحد عيني الإله حورس، إله السماء، والقمر عينه الأخرى. وفي الألف الرابع عشر قبل الميلاد أعلن أخانتون ديانة "رع" باعتبارها الديانة الوحيدة للبلاد، وأن الشمس هي الإله الوحيد للمصريين باسم "أتون"، وكانت ديانة أخناتون بذلك أول ديانة توحيدية.

أما لدى الصينيين فهناك عشر شموس تعيش على أغصان شجرة هائلة. وفي كل يوم تصعد واحدة منهن إلى أعلى الشجرة حيث تأتي عربة يجرها ستة من التنينات لتدور في القبة السماوية وتعود بعدها إلى جذع الشجرة ويكون الليل. ولكن في يوم من الأيام صعدت الشموس العشر إلى قبة السماء مما سبب حرارة عالية على سطح الأرض كادت أن تقضي على الإنسان، وهنا أرسل الإله جون أحد أمهر رماته فأردى تسع منها وأبقى على العاشرة التي لا تزال تنير الأرض وتدفئه بما هو معقول.



أما عند اليابانيين فإن الإله إيزاناغي أخرج من عينه اليسرى الشمس ومن عينه اليمنى القمر. ولكن الشمس (أماتيراسو) لامعة دائماً وكثيراً لذا أرسلت إلى أعالي سهول السماء حيث تسود كحامية للبشر. كان أخو الشمس مزعجاً للغاية مما اضطر الشمس للاحتجاب في مغارة، فأصاب البرد الأرض وسكانها. فاجتمعت الإله لتتخذ قراراً، وما كان منها إلا أن وضعت مرآة ضخمة أمام مخبأ الشمس وأخذت في الغناء والرقص مما دفع الشمس إلى الخروج، فأصيبت بالانبهار من ارتداد ضوئها على سطح المرآة، فأمسكها أحد الإلهة من يدها ليقودها ويخرجها من مخبئها، وهكذا عادت الحرارة والنور إلى الأرض جالبة السعادة للجميع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق