بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 فبراير 2017

جائزة نوبل ... بين الذكور والإناث

كما هو معروف فإن جائزة نوبل مخصصة سنوياً لمن يحقق خدمة مفيدة للبشرية تسمح بتقدم أو تحسين في مجالات المعرفة والثقافة بحسب وصية ألفرد نوبل، دون أن يقول شيئاً عن جنس من يحق له الحصول عليها، ذكراً أو أنثى. لكن الوقائع تقول شيئاً آخر، فمن أصل 841 جائزة نوبل وزعت حتى العام الماضي فإن عدد النساء بين الحاصلين على هذه الجائزة هو 46 امرأة في مختلف اختصاصات جائزة نوبل. أي بنسبة لا تتجاوز 4%، وذلك بعد استثناء المؤسسات الحاصلة على هذه الجائزة! ولكن الأمر في مجال العلوم هو الأسوأ. فمن أصل 590 جائزة نوبل لم يحصل عليها سوى 17 امرأة، 12 في الفيزيولوجيا-الطب، و4 في الكيمياء واثنتان في الفيزياء (ماري كوري حصلت على الجائزة مرتين). أي أن النسبة هنا أقل من 2%! وفي العام الماضي لم تحصل على هذه الجائزة أية امرأة!
الصينية يويو  تو آخر الحاصلات على جائزة نوبل

الأسباب عديدة، أولها بالطبع هو أن المرأة لم تحصل على حقها في التعليم الجامعي إلا في فترة متأخرة، وهنا نذكر أن ماري كوري البولندية الأصل إنما تركت بلادها وأتت إلى فرنسا للدراسة الجامعية، لأن جامعات بلدها في تلك الأيام كانت تحظر التعليم الجامعي على الإناث! يضاف إلى ذلك أيضاً الواقع الثقافي لمعظم المجتمعات التي تعتقد أن للمرأة دوراً آخر غير العمل في العلم. وهذه النظرة، بالرغم من تغيرها، لكنها لا تزال موجودة حتى في مجتمعات تعتبر متقدمة. فقد أجرت مجلة فرنسية منذ مدة تحقيقاً في خمس دول أوربية. شارك فيه العدد نفسه من الرجال والنساء. كان السؤال هو عن قدرة النساء على الإبداع العلمي مقارنة بالرجل. كانت 67% من الإجابات تقول بأن المرأة أقل قدرة على الإبداع العلمي من الرجل. أي أن هناك نساء يعتقدن بذلك أيضاً وليس الرجال فقط!

لكن مثل هذه الاعتقادات هي نتيجة انطباعات وليست قائمة على أية حقيقة علمية. فمن آخر الاكتشافات الخاصة بالدماغ وتشكل الروابط بين العصبونات، هي المرونة الهائلة للدماغ على التكيف والتشكل. إذ تم برهنة أن 10% من عصبونات الدماغ الإنساني (امرأة أو رجل) تكون ترابطاتها متشكلة مع الولادة، أما الـ 90% الباقية فتتشكل لاحقاً. أي أنه لا يوجد أي فارق بين الاثنين، ولكن ثقافة المجتمع الذي نولد فيه هي التي ستشكل الفوارق وتعززها. يمكن أن نلاحظ أنه على مدى القرن العشرين لم تحصل سوى عشر نساء على جائزة نوبل في العلوم، ولكن عددهن بلغ سبع في القرن الحالي. وهذا الفارق يمكن أن يُعزى في جانب كبير منه إلى التغير الثقافي في النظرة إلى المرأة وحصولها على جزء كبير من حقوقها، وخاصة في التعليم. والإناث اليوم موجودات في الجامعات بقدر الذكور أو أكثر، ولكن المرأة  نادراً ما تختار مهنة البحث العلمي، لما تفرضه هذه المهنة من قيود اجتماعية لا تحبذها في الغالب.

وأيا ما كان، فقد لاحظت باحثة أمريكية في نهاية القرن التاسع عشر عبر الرصد أنه عندما تقول امرأة قولاً حقاً ويقول رجلٌ ما القول نفسه، فإننا نذكر الرجل بقوله دون المرأة. ولاحظت كذلك أنه عندما يقول رجلٌ مغمورٌ قولاً ما ويقول رجلٌ مشهورٌ القول نفسه فإن القول سينسب إلى الرجل المشهور دون الرجل المغمور... وهذا ما يسمى اصطلح عليه بـ"أثر ماتيلدا وأثر ماتيو".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق