بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 يوليو 2016

طاغور ... لا تبكوا أبداً لفقدان الشمس




ذلك أن الدموع ستمنعكم من رؤية النجوم. هذا قول مأثور لشاعر الهند العظيم رابيندرانات طاغور، الذي ولد عام 1861 وتوفي عام 1941. وإضافة إلى كونه شاعر، فهو موسيقي وكاتب ومسرحي ورسام وفيلسوف. حاز على جائزة نوبل للآداب عام 1913. وهو سليل أسرة ميسورة. درس في الهند وفي بريطانيا التي تركها قبل أن ينهي دراسته للقانون. توفيت زوجته وهي في مقتبل العمر وتوفي ولدان من أولاده الخمسة.  سافر إلى الغرب والشرق والتقى بعظام عصره من المفكرين والعلماء، بدءاً بأينشتين وانتهاء ببرنارد شو وبيرغسون وغيرهم كثر. وهذا ما أتاح له الاطلاع على العالم وإضافة بعد عالمي إلى ميوله الإنسانية. ترجمت أعماله إلى معظم لغات الأرض.
كتب عقب زيارات المتكررة إلى أوروبا:

"هناك أسئلة خطيرة طرحتها الحضارة الغربية على العالم ولم تقدم عنها أجوبة وافية: الأزمات بين الفرد والدولة، والعمل ورأس المال، الرجل والمرأة، الأزمات بين جشع الكسب المادي وحياة الإنسان الروحية، وبين الأنانية المنظمة للأمم والأفكار الإنسانية السامية للإنسانية. ويجب حل هذا بتناغم. كيف؟ لا يمكننا حتى الآن إدراك ذلك."

وهو يوجه نقداً واعياً للحضارة الغربية في الشرخ الواضح بين فكرها وسلوكها الفعلي قائلاً:

"كان هناك وقت فتنّا فيه بأوروبا. كانت تبعث فينا أملاً جديداً. كنا نظن أن مهمتها الأولى هي نشر إنجيل الحرية في العالم. وعبر آدابها وفنها، لم نكن نعرف منها سوى جانبها النقي. ولكنها رويداً رويداً، صنعت من آسيا وأفريقيا الدوائر الأساسية لأنشطتها الحياتية، حيث كان القصد هو كسب الأرباح وإدارة الإمبراطوريات وزيادة أعمالها التجارية."

وقد عاصر نهوض اليابان وتوقها للتقدم والسير بركاب الإمبريالية الغربية وسعيها للتسلح، فكتب قبل أن تذوق مرارة هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وأن تعاني من السلاح النووي المدمر الذي استخدمته أمريكا ضدها:

"لا يمكنني شخصياً الاعتقاد بأن اليابان أصبحت ما هي عليه بتقليدها للغرب. ولا أفترض للحظة بأن اليابان يجب ألا تفكر في امتلاك أسلحة حديثة لضمان حمايتها، ولكن ليس إلى حد تجاوز غريزتها في الحفاظ على نفسها. على اليابان أن تعرف بأن القوة الحقيقية لا تكمن في الأسلحة، وإنما في هذا الذي يحملها؛ وأنه عندما تقود شهية السلطة الإنسان إلى مضاعفة أسلحته على حساب روحه، فإنه سيكون في خطر أكبر من الخطر الذي يواجه أعداءه ... وما يمثل خطراً بالنسبة لليابان ليس تقليد الملامح الخارجية للغرب، ولكنه قبول تمثّل القوى المحركة للقومية الغربية. آمل من كل قلبي بأن لا تتوقف اليابان أبداً عن إيمانها بروحها والتضحية بها بسبب الغرور المحض لإمبرياليتها."
 
كما كان واعياً جداً بالمسألة الطائفية في بلاده التي تعيش فيها شتى الأديان والطوائف، وقد عبّر عن ذلك بالقول:

"هذه التفاهات بين الأشقاء، التي تتخذ من الطائفية امتيازات روحية، هي مثل الطفيليات الشرهة، تتغذى بالدين فترتدي حلته وتفرغه لدرجة موته ... تجعل منه حصناً تلوذ به غريزة القتال الشيطانية، والتقوى الواهية، والاحتقار العنيف لمعتقد الجار."

بقي أن نقول إن من بين أشهر أقواله الشعرية: "إذا أوصدتم الباب إزاء كل الأخطاء فإن الحقيقة ستبقى خارجاً"... ولنا عودة إليه في مستقبل قريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق