بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 مايو 2016

التعاطف مع الروبوت



جرى في نصف القرن الماضي تقدم في أكثر من مجال علمي وتكنولوجي أدى إلى تقدم هائل في كل المجالات بلا استثناء، وخلقت فروع علمية هندسية لم تكن موجودة سابقاً وأحرزت هذه الأخيرة أشواطاً كبيرة في التقدم. من بين هذه الفروع: هندسة الروبوت والذكاء الصنعي. وهذا الاختصاصان عند جمعهما مع بعض يَعدان بالكثير في جوانب مختلفة من الحياة الإنسانية.

واستخدام الروبوت في المصانع، في المهمات الصعبة والدقيقة، أصبح أمراً مألوفاً جداً. وكذلك وجود روبوتات للاستخدامات العسكرية، في الكشف والسبر والاستطلاع والتفجير الخ. وكذلك في ميدان الألعاب، فقد كسب الحاسوب ديببلو بطولة العالم في الشطرنج منذ عقدين من الزمن، وكذلك كسب الحاسوب ألفاغو بطولة العالم في لعبة الـ غو منذ حوالى ثلاثة أشهر. وأكثر من ذلك فنظام واتسون الخبير يعتبر اليوم أفضل طبيب في العالم في تشخيص أمراض الأورام وتقديم برنامجا العلاج.
أطباء يستشيرون واتسون
تطبيقات كثيرة ستظهر للروبوت وستتعزز في المستقبل لأسباب عديدة، منها الاقتصادي والاجتماعي. ففي الجانب الاقتصادي يمثل الروبوت عنصر عمل لا يشكو ولا يطالب وأجره رخيص جداً ويمكنه العمل بلا توقف وأجره (كلفته) أقل. فقد استخدم حارس روبوت في إحدى المدن الأمريكية بتكلفة 7 دولارات للساعة وهذا أقل بكثير من كلفة حارس بشري! أما في الجانب الاجتماعي فهناك مشكلة لدى الدول التي يكثر فيها الشعر الرمادي (مثل اليابان وألمانيا وغيرهما) وهناك بالتالي حاجة إلى وجود مرافقين للكبار في السن، إما لمساعدتهم أو للبقاء بصحبتهم. 

ومثل هذا التوجه الأخير هو توجه جدي في اليابان التي حققت تقدماً كبيراً في مجال الروبوت المحاكي للإنسان. ومن المتوقع أن يكون في اليابان بحلول عام 2025 روبوت لكل عشرة أشخاص. كما أن الجيش الأنريكي يمتلك حوالى 15 ألف روبوت، وسوق الروبوت سوق واعد جداً تستثمر فيه غوغل أيما استثمار بشرائها في السنوات الماضية لأكبر الشركات العاملة في ميدان الربوت الذكي.
A security robot made by Knightscope patrolling the Stanford shopping center in Palo Alto, California
الشريف روبوت في مركز ستانفورد للتسوق
أخذ موضوع الذكاء الصنعي والروبوت يطرح تساؤلات جدية في المجتمعات المتقدمة، أكان في موضوع حلوله محل الإنسان في أمور مختلفة، أو في المستوى الذي قد يبلغه وإمكانية تفوقه على الإنسان في أشياء كثيرة، خاصة مع قابليته للتعلم الذاتي، أي تطوره المستقل بدون أن يُشغل بالمشاعر والعواطف والقضايا الشغفية كما هو حال الإنسان. وهناك من يطرح تساؤلات قانونية باعتبار أن الروبوت أصبح شخصية اعتبارية في تقريره أشياء كثيرة في تعامله مع الإنسان، مثل طبيب السرطان واتسون!
ولكن من الطريف والواقعي هي مسألة تعامل الإنسان مع الروبوت وتعاطفه معه. وفي تجربة أجريت مع الروبوت المسمى "أطلس"، يقوم إنسان بإعاقة الربوت باستخدام عصا غليظة أثناء أداء هذا الروبوت القيام عمله في نقل علب كرتونية وحتى إيقاعه أرضاً مما دعا المشاهدين للتعاطف مع الروبوت ... وعليكم تجربة ذلك بمشاهدة الفيديو ... لاحظوا أيضاً مدى استقلالية الربوت من لحظة إنطلاقه من بيته!

بقي أن نقول إننا في عالم يتغير بسرعة تتغير فيه نظرتنا إلى أشياء كنا نعتبرها راسخة لا تتبدل ولا تتغير... لكن، هيهات... وللأمر بقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق