بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 ديسمبر 2015

طريق الحرير



هو ليس طريق واحد، وإنما شبكة من الطرق ربطت في البداية مدينة كسيان الصينية بإنطاكية السورية، ومن ثم بين العديد من المدن الصينية ومدن أخرى في اليونان والإمبراطورية الرومانية ومن ثم الإمبراطورية البيزنطية. كان هذا الطريق يمر عبر ممر غانسو ومن ثم عبر أطراف صحراء تاكلاماكان القاحلة جداً، ثم يتابع إما عبر الطريق الشمالي الذي يذهب مباشرة إلى بلاد فارس أو الطريق الجنوبي الذي يمر بالهند.
بعض من شبكة طريق الحرير

هذه الشبكة هي شبكة تجارية كان الهدف منها في البداية تجارة الحرير. ولكن عبر هذه الشبكة كانت تنقل وتباع وتشترى الكثير من البضائع، مثل الأحجار الكريمة والبورسلان والمنسوجات الصوفية والعنبر والعاج والزجاج والعقيق والتوابل. وكان تجار هذه الطريق يحتكرون التبادل التجاري بين الشرق والغرب.

تعود بداية هذا الطريق إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، تطورت شبكته في القرن الثالث قبل الميلاد واستمر نشاط هذا الطريق حتى القرن الخامس عشر وذلك مع تطور النقل البحري حيث توقف بعدها. ولكن السبب الأهم في توقف هذا الطريق هو أنه كان طويلاً جداً، وكان الوسطاء على مساره كثر أيضاً، مما يقتضي دفع الديات والضرائب، هذا غير المخاطر والتعرض للسرقة أو القتل. كان كل هذا يجعل من أسعار البضائع بما لا يحتمل بالنسبة للناس العاديين. جاء  تطور النقل البحري خلاصاً من كل ذلك، وأخذ الطريق البحري اسم طريق التوابل، التي أصبحت أهم من الحرير الذي كانت صناعته قد انتشرت في أوروبا منذ القرن الخامس عشر. فالتوابل كانت ضرورية أولاً لحفظ اللحوم والأطعمة.
 
وعبر هذا الطريق جرى التبادل الثقافي بين الشرق والغرب. فنقل الصينيون معارفهم في إنتاج الورق والبارود والطباعة والبوصلة الخ. وعبره أيضاً عرف الشرق البوذية والديانات السماوية. جسّد هذا الطريق العولمة الحالية في ذلك الزمان.

بقي أن نقول إن التجارة ساهمت في ربط الشعوب وسمحت لهم بتبادل معارفهم وبضائعهم وثقافاتهم. وهي تلبي طموحات الإنسان وأطماعه، وما أكثرها! وأن هناك مشروعاً هائلاً لطريق برية سريعة تربط الصين بأوروبا الغربية، ولكن لن يكون لها من طريق الحرير سوى الاسم. وآخر الكلام أن كلمة "طريق" بالعربية هي كلمة مذكرة ومؤنثة في الوقت نفسه!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق